السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسائكم عطر احبائي الفضلاء
يتجدد بكم اللقاء في طرح موضوع قصه ومثل واتمنى ان ينال ماطرحه على استحسانكم,,
الموضوع السابق
قصه ومثل
/
\
ألا من يشتري سهرا بنوم
السعادة أهم مطلب في الحياة ، يسعى إليها الإنسان جهده ، ويحاول أن يصل إلى كنهها ومعرفة حقيقتها
أهي فيما يجمع من مال ؟ أهي في الجاه العريض ، والمنصب الرفيع ؟ أهي كل تلك المظاهر مجتمعة ؟
حارت البرية في تحديد مفهومها ، ومعرفة حقيقتها حتى إن البعض قد خدع بتلك المظاهر البراقة فاستقر
في نفسه شعور بأنها تمثل السعادة الحقيقية التي ينشدها ، ومادرى أنها مظاهر براقة وقشور زائفة تتلألأ
أمام العين ، ولكنها كالأصداف الصناعية التي تبهر العيون ، وتأخذ بالألباب بحسن طلعتها وجمال منظرها
ولكنها في جوهرها خالية من القيمة .
السعادة الحقيقية هي راحة النفس ، واطمئنان القلب إلى أن كل مايجري في الكون بقضاء وقدر .
وسلامة الضمير من كل ألوان النفاق والحسد والحقد ، ومراقبة الله في كل الأعمال والأقوال
فهذا هو المفتاح الحقيقي للسعادة التي ينشدها الإنسان ليحيا سعيدا بما وهبه الله من نعم .
وهذا المثل يمثل صوت الضمير المعذب الذي استيقظ بعد موت ، وأحس الشقاء ، والظلام الذي يحيط بصاحبه
ظلام الغدر والخيانة وبطانة السوء وقرناء الشر الذين يزينون الباطل ويوقعون في الرذيلة فتكون النهاية التعسة
التي تجلب على صاحبها سوء المصير ، إنه يمثل قصة الحياة بما فيها من شرور وآثام ، قصة من يغمط النعمة
ويكره العافية ، وقائله : ذو رعين .
وأصله : أن ملكا من ملوك حمير يسمى ( حسانا ) كان سئ السيرة ، فتفرقت عنه حمير ولم تطعه ، وإنما أغروا
أخاه ( عمرا ) بأن يقتله ، ويتولى مكانه ووعدوه حسن الطاعة والمؤازرة ، إلا أن ذا رعين نهاه عن قتله ، لأنه
إن قتله فسيندم ولن يذوق طعم النوم ولن يهدأ له بال ، وسيعاقب كل من أشار عليه بذلك ، فرأى ذو رعين أن
يحتاط لأمره فكتب بيتين في صحيفة ، وختم عليها بخاتم ( عمرو ) وقال له : هذه وديعة لي عندك إلى أن أطلبها
منك . فأخذها عمرو ودفعها إلى خازنه ، ليحتفظ بها ، فلما قتل أخاه وجلس مكانه في الملك منع منه النوم
وسلط عليه السهر ، فطلب الأطباء والكهنة والمنجمين والعرافين ثم عرض عليهم أمره وأخبرهم بقصته وشكا
إليهم مايجد . فقالوا له : ماقتل رجل أخاه وذو رحم منه إلا أصابه السهر ، ومنع منه النوم .
فلما قالوا ذلك أمر بقتل كل من أشار عليه بقتل أخيه . حتى وصل إلى ذي رعين ، فقال له أيها الملك :
إن لي براءة مما تريد أن تصنع بي . قال الملك : ومابراءتك وأمانك ؟ قال : مر خازنك أن يخرج الصحيفة
التي استودعتكها يوم كذا وكذا . فأخرجها الخازن فنظر إليها عمرو ، ثم فضها فإذا فيها :
ألا من يشتري سهرا بنوم ............. سعيد من يبيت قرير عين
فأما حمير غدرت وخانت ............... فمعذرة الإله لذي رعين
ثم قال لعمرو : قد نهيتك عن قتل أخيك . وعلمت أنك إن فعلت أصابك الذي قد أصابك فكتبت هذين البيتين
براءة لي عندك . فعفا عنه وأحسن جائزته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(جزاء سنمار)
سنمار رجل رومي بنى قصر الخورنق بظهر الكوفة، للنعمان بن امرئ القيس كي يستضيف فيه ابن ملك الفرس، الذي أرسلهُ أبوه إلى الحيرة والتي اشتهرت بطيب هوائها، وذلك لينشأ بين العرب ويتعلم الفروسية، وعندما أتم بناءه، وقف سنمار والنعمان على سطح القصر،
فقال النعمان لهُ: هل هُناك قصر مثل هذا القصر؟
فأجاب كلا،
ثم قال: هل هناك بَنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟
قال: كلا،
ثم قال سنمار مُفتخراً: ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكز على حجر واحد، وإذا أُزيل هذا الحجر فإن القصر سينهدم،
فقال: وهل غيرك يعلم موضع هذا الحجر؟
قال: كلا، فألقاه النعمان عن سطح القصر، فخر ميتاً.
وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثلهُ لغيره، فضربت العربُ به المثل بمن يُجزى بالإحسان الإساءة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
’’من طاوع الإناث دفع الطاق مثنى وثلاث"
يقال أنه يوجد في دمشق قبر مكتوب عليه : ’’ من طاوع الإناث دفع الطاق مثنى وثلاث ‘‘
حيث يروى أن رجلاً ارتكب جرماً فحكم عليه القاضي، إما أن يدفع مائة ليرة، وإما أن يجلد مائة جلدة، وإما أن يأكل مائة بصلة. وكان الرجل ضعيف الإرادة يأخذ رأي زوجته في كل شاردة وواردة ، فقالت له: ’’البصل ابن عم العسل، يأكله كبار الناس وإن أكثروا منه فلا باس‘‘.
وكان صديقنا هذا من سوء حظه لبيباً يفهم من الإشارة فاختار أكل البصل. لكنه ماكاد يزدرد البصلة الرابعة والستين حتى جحظت عيناه ورجفت شفتاه ويبس لسانه في حلقه، وأعلن عجزه عن متابعة أكل البصل.
فقيل له : ’’إذن عليك أن تختار إما المائة ليرة وإما المائة جلدة ‘‘.
فالتفت إلى زوجته متسائلاً، فقالت له : ’’وجع ساعة يازلمة ولاوجع ألف ساعة، والمثل بيقول : كل أسى بينتسى إلا خسارة المال والعيال‘‘. ففهم الرجل واختار مكرهاً المائة جلدة .
وجيء بالجلاد وبدأ عد الجلدات، وصار الرجل يتلوى ذات اليمين وذات الشمال وزوجته تشدد عزيمته، لكنه ماكاد يتلقى الجلدة الثانية والسبعين حتى اصطكت ركبتاه واختلجت رئتاه وترنح وتداعى وصاح: كفى!
ثم لملم ماتبقى من إرادته وكرامته وحلحل كمره ودفع المائة ليرة، ومضى فوراً وطلب مقابلة الوالي والتمس منه أن يأذن له ببناء قبر إلى جانب الطريق العام يدفن فيه بعد موته ، ويكتب على بابه: ’’من طاوع الإناث دفع الطاق مثنى وثلاث‘‘.
اتمنى ان لانغضب علينا الانثى ،،